Page 115 - web
P. 115

‫‪ISSUE No. 444‬‬  ‫معه بعد علمهم بأمر الجريمة التي ارتكبها‪،‬‬        ‫أو ورق ًّيا؛ مما قد يسمح لنا بالتأكيد على‬    ‫هذا الفعل وهو التشهير الإلكتروني‪ ،‬أي إن‬
               ‫بما أنه صار من ذوي السوابق الجنائية؛‬            ‫أن «عقوبة» التشهير تعد «عقوبة» قديمة‬         ‫الهدف من فعل التشهير يعد هد ًفا بعي ًدا‬
‫‪113‬‬            ‫حيث إنهم لا يستطيعون بناء الثقة بينهم‬           ‫كانت تأخذ شكاًًل وطريقة مختلفة عن الطرق‬      ‫وهو الإضرار‪ .‬أما بالنسبة للركن الشرعي‬
               ‫وبين شخص ُس ِّجلت عليه سوابق جنائية‬             ‫الجديدة في العصر الحالي‪ ،‬وكذلك الحال مع‬      ‫فهو النص القانوني الذي يسبغ على فعل‬
               ‫وقد ثبتت إدانته بحكم قضائي نهائي‪ ،‬وليس‬          ‫جريمة التشهير الإلكتروني؛ حيث إن جريمة‬       ‫التشهير وصف الجريمة المعلوماتية‪ ،‬ويعاقب‬
               ‫مجرد شائعات أو كلام عام‪ ،‬وحتى لو رد إليه‬        ‫التشهير والإساءة لل ّسمعة وجدت من قديم‬       ‫عليها‪ ،‬ويتمثل هذا النص في الفقرة الخامسة‬
               ‫اعتباره بحسب النظام فإن إعادة بناء الثقة‬        ‫الزمان؛ بحيث لم تكن ترتكب باعتماد وسائل‬      ‫من المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم‬
               ‫يعتبر أم ًرا صع ًبا بالنسبة للأشخاص ونظرتهم‬     ‫حديثة مثل العصر الحالي‪ ،‬وهو ما أ َّدى‬
               ‫له‪ ،‬وقد يحتاج إلى مدة من الزمن لاستعادة‬         ‫إلى اختلاف الركن المادي لجريمة التشهير‬                        ‫المعلوماتية ‪-‬المذكورة ساب ًقا‪.‬‬
               ‫تلك الثقة‪ ،‬كما أن الشخص المعنوي يتضرر‬           ‫الإلكتروني عن جريمة التشهير بصورتها‬          ‫ويمكن أن نتساءل إن كان يجوز وصف فعل‬
               ‫كذلك‪ ،‬فمثاًًل لو كان هذا الشخص المعنوي‬          ‫العامة‪ .‬و«التشهير» بسمعة شخص طبيعي‬           ‫التشهير كذلك بكونه «عقوبة» على ارتكاب‬
               ‫شرك ًة تجاري ًة تجني أرباحها من العملاء أو‬      ‫أو اعتباري كعقوبة يؤثر بشكل مباشر على‬        ‫بعض الجرائم‪ ،‬فعلى سبيل المثال نجد في‬
               ‫الزبائن‪ ،‬فإنه في هذه الصورة يمكن أن تكون‬        ‫المش َّهر به؛ لأننا إذا رأينا حال العقوبات‪،‬‬  ‫نظام مكافحة التزوير السعودي نص المادة‬
               ‫الخسارة فادح ًة‪ ،‬فعندما يتم «التشهير» بأن‬       ‫نرى أن عقوبة السجن تقتضي إنهاء الشخص‬         ‫الثامنة والعشرين القائل‪...«:‬يجوز الحكم‬
               ‫هذه المنشأة صدر بحقها حكم قضائي نتيجة‬           ‫مدة محكوميته وبقاءه غائ ًبا‪ ،‬وقد لا يعلم‬     ‫بنشر العقوبة المقضي بها في الجرائم الواردة‬
               ‫ارتكاب مسيريها جريمة أو جنحة يتأثر‬              ‫جميع الناس بأمر سجنه فيتضرر وحده‬             ‫في هذا النظام‪ ،».‬كما نجد أ ّن المادة الخامسة‬
               ‫الناس بذلك‪ ،‬وتهتز لديهم الثقة بمنتجات‬           ‫بذلك أو المقربون حوله فقط‪ ،‬كما نرى أن‬        ‫والأربعين من نظام العلامات التجارية قد‬
               ‫تلك الشركة أو بأسلوب تعاملها‪ ،‬فيحجم‬             ‫عقوبة الغرامة تتطلب تسديد مبلغ محدد‬          ‫ن ّصت بخصوص العائد للجريمة على تسليط‬
               ‫العملاء عن شراء المنتجات والتعامل مع تلك‬        ‫من الجاني‪ ،‬ثم يكمل حياته بأضرار مادية قد‬     ‫عقوبات أصلية على الجاني‪ ،‬ثم أوردت‬
               ‫المنشأة؛ مما يكبدها خسائر كبرى قد تؤدي‬          ‫تكون طفيفة وبالإمكان تعويضها عبر الزمن‪،‬‬      ‫العقوبة التبعية التالية ‪...«:‬مع نشر الحكم‬
               ‫إلى إفلاسها‪ ،‬وبنا ًء على ذلك فإن «التشهير‬       ‫ولكن في حال كانت العقوبة تتمثل في إجبارية‬    ‫على نفقة المخالف‪ .»...‬فمن المستساغ إ ًذا‬
               ‫كعقوبة» يعد عقوبة مؤثرة تنتج آثارها في‬          ‫نشر الحكم الذي ينطوي على «تشهير» فإن‬         ‫أن يثور تساؤل حول إمكانية وصف هذه‬
               ‫المجتمع‪ ،‬وتؤثر تأثي ًرا مباش ًرا وواض ًحا على‬   ‫الشخص يتضرر بطريقة مختلفة‪ ،‬فالضرر‬            ‫العقوبة التبعية بكونها فعل «تشهير»‪ ،‬ونرى‬
               ‫المش َّهر به‪ ،‬بل وتسبب له أضرا ًرا قد تكون غير‬  ‫الذي يحل بالشخص يكون ما ًّسا بسمعته‪،‬‬         ‫أن فرض «نشر الحكم» ينطوي على إرادة‬
                                                               ‫فالشخص الطبيعي يتضرر بذلك‪ ،‬ويجد أن‬           ‫ضمنية من المن ّظم بالتشهير بمرتكب الجرائم‬
                         ‫متنا ِسبة مع الجريمة التي ارتكبها‪.‬‬    ‫الأفراد والمنشآت يفقدون الرغبة في العمل‬      ‫المذكورة‪ ،‬ولم يخ ّصص المن ّظم شكاًًل للتشهير‬
                                                                                                            ‫«كعقوبة»؛ حيث يمكن أن يكون إلكترون ًّيا‬
   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120